شروط تطوير عمليات التكيف و التأقلم البيولوجي أثناء العملية التدريبية الرياضية

شروط تطوير عمليات التكيف و التأقلم البيولوجي أثناء العملية التدريبية الرياضية

أ.سفاري سفيان

Sefianeseffari@gmail.com

إن التغييرات التكيفية البيولوجية في الجسم التي تحدث أثناء عملية التدريب الرياضي هي ذات طبيعة  دورية مرحلية (ذات طابع دوري لكل دورة فترة زمنية خاصة) وهذا تماشياً مع التكيفات العاجلة للنشاط البدني الممارس ، يتجلى ذلك بسب وجود فترات ومراحل تدريب (الدوائر التدريبة الصغيرة –المتوسطة-الطويلة) و إقرانها بحالة ثابتة فتريه لكل مرحلة من مراحل التدريب دائرة تدريبية إسترجاعية و إستشفائية (Recovery ) و تظهر من جراء هذا النهج التدريبي مراحل مختلفة من تطور عمليات التعب (Fatigue) ، و فترات التعافي والتعويض المثالي (Supercompensation)، و مع تطورعمليات التكيف على المدى الطويل يكون هناك تغيير مستمر في فترات الزيادة الحادة لإستهلاك الطاقة في وقت اثناء بذل الجهد البدني ، يليه تنشيط الجهاز الجيني وزيادة تخليق بروتينات معينة ، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة قوة الأجهزة الفيسيولوجية المدربة و هذا من أجل تحقيق تأثير تكيفي واضح أثناء التدريب و لهذا يجب إستيفاء شرطين أساسيين على الأقل هما:

الشرط الأول هو توفير المقياس اللازم للتأثير على كل من الوظائف الرئيسية المطلوبة في العملية التدريبية:

في معظم الألعاب الرياضية  يتحدد مستوى الإنجاز بعدة عوامل أو وظائف قيادية ،و نظرًا لأن أحمال التدريب التي تساهم في تطوير هذه الوظائف يمكن أن تكشف عن تفاعلات سلبية مستقبلاً ، حيث يجب تقسيمها وفقًا لوقت وزمن تطبيقها ، أي تكون في كل جلسة  من جلسات (الوحدات ) التدريب بشكل منفصل ، يجب   تطبيق الكثير من نفس الأثر التدريبي (training effect) ، لذلك  من أجل “العمل” على جميع الوظائف الفسيولوجية الرائدة للجسم (الجهاز التنفسي- القلبي الدوري الدموي- العضلي الحركي) و من الضروري تقسيم العمل التدريبي المخطط إلى عدد من الجلسات المتسلسلة المتصلة في دائر تدريبية واحدة ، وتبديلها حتى لا يكون للتأثيرات الفورية لكل جلسة لاحقة سلبًا على الآثار التدريب المتأخرة للحمل التدريبي السابق ، على سبيل المثال  في حالة تدريب العدائين لمسافات قصيرة في اليوم الأول من الدائرة التدريبية الصغيرة  يتم تعيين الحمل التدريبي الذي يساهم في زيادة الطاقة اللاهوائية اللاكتيكية (Anaerobic Alactic ) في نفس الوحدة التدريبية التي تهدف لتدريب المسافات القصيرة ، ثم في الأيام التالية  على خلفية الإستعادة و الإسترجاعات الوظيفة لأجسام العدائين ، يمكن إجراء الأحمال التدريبية التي تساهم في زيادة قدرات اللاهوائية اللاحمضية -Anaerobic Alactic- (تحمل السرعة – Speed Endurance) أو التحمل الهوائي أو التحمل الهوائي- القدرة- ( Aerobic Power ).

و الشرط الثاني الضروري هو أن التأثير الكلي للنشاط البدني في مختلف الجلسات –الوحدات- التدريب الفردية أو الدائرة التدريبية الصغيرة  يجب ألا تتجاوز القيمة المسموح بها لإستنفاد الإحتياط التكيفي للجسم (Adaptive reserve) حيث أنه عند بلوغه لمستويات هذه الإحتياطات التكيفية تتباطئ مسار عمليات الإسترداد و الإسترجاع بشكل حاد وينخفض ​​معدل تطور التكيف مع هذا النوع من الأثر التدريبي ، حيث يمكن تحقيق هذا الحد التكيفي من خلال تطبيق واحد لكمية كبيرة من الأحمال التدريبية في جلسات –وحدات- تدريبية منفصلة، ومع ذلك  يمكن أن تتسبب هذه الأحمال المجهدة في حدوث إنهيار في عمليات التكيف بسبب الإستنفاد الحاد و الكبير للنظام الوظيفي السائد في جسم الرياضي ، والذي يحدد عمليات التكيف مع هذا النوع من الأحمال التدريبية (Training loads) ، حيث أن الطريقة الأكثر فعالية هي إستخدام الأحمال التدريبية غير العالية في الحجم ، مما يضمن تحقيق التغييرات الهيكلية والوظيفية الضرورية في الجسم ، والتي يمكن من خلالها تطوير عمليات التكيف في الإتجاه التدريبي المطلوب .

حيث يؤدي إستيفاء الشروط المذكورة في عملية التدريب إلى ظهور دورات صغيرة أولية ( إبتدائية) تتكون عادة من 3-7 أيام من التدريب حيث تتيح لنا كل دورة تدريبية من هذا القبيل من تحقيق الحجم المطلوب من الآثر – effect- على جميع الوظائف الفسيولوجية الرائدة التي تضمن تشكيل هيكل منهجي يتبع تطوير التكيفات الخاصة مع هذا النوع من الحمل التدريبي المسلط و هذا اعتمادًا على نشر و توزيع الأحمال التدريبية الطى تكون  من نوع معين وتسلسل تطبيقها ، حيث تركز كل دائرة تدريبية صغيرة بالدرجة الأولى من التدريب بشكل خاص على تطوير أي خصائص وظيفية و قدرات بدنية و حركية للرياضي ، حيث عادة ما يحدث التكيف الكامل مع الآثار التدريبية لمثل هذه الدوائر الدقيقة الصغيرة بعد 3-6 تكرارات لها ( أي الأثر التدريبي المرجى من تطبيق الدوائر التدريبية الصغرى تكون نتائجها بعد تكرار هذه الدوائر المرة الثالثة حتى السادسة لكي تستقر و تظهر هذه الآثار لقدرة بدنية مستهدفة أو قابلية حركية أو حتى تكون مختلطة و منه تكون علمية التبديل الأحمال التدريبية و التدرج فيها ).

حيث تختلف الدوائر التدريبية الصغيرة في حجم التأثير التدريبي المحقق و مدى تركيزها على تطوير قدرة فسيولوجية أو جودة أداء هذه الأخيرة و هذا تماشياً و حسب طبيعة بناء هذه الدوائر التدريبية الصغيرة للعملية التدريبية و يتم تقسيمها إلى عدة أنواع منها:  الدائرة التدريبية العادية ، الصدمة ، التفريغ (الاسترداد) ، التنافسية أو العرض.

عادة ما يتم تكرارها بإستمرار حيث تشكل الدوائر التدريبة الصغيرة (microcycle )، التي تضمن حل مشكلة تربوية تدريبية خاصة ، وتؤدي إلى تطوير تكيف خاص مع الأحمال البدنية من نوع خاص و هذا من مختلف المراحل التدريبية المنفصلة من الموسم التدريبي (Training season)، حيث أنه في كل مرحلة تدريبية (Stage training) هناك تغيير في التركيز الرئيسي للوسائل (تمارين – exercises ) و الطرق التدريبية (Training methods) المستخدمة  وبالتالي تغيير في النظام المهيمن المسؤول عن عمليات التكيف ، بناءً على ذلك  تنقسم مراحل التدريب (Stage training) الى (الدوائر تدريبية صغيرة – microcycle ) مجمعة و عادةً  تسمى بالمسميات التالية : دائرة تدريبية متوسطة أساسية (Basic) ، دائرة تدريبية متوسطة تراجعية (Regressive) ، و دائرة تدريبية متوسطة تحضيرية تحكيمية (Preparatory control)، و دائرة تدريبية متوسطة ما قبل المنافسة (Pre-competition) .

حيث أن عدة مراحل من عملية التدريب و الطى تكون (من 2 إلى 5) مراحل تدريبية والتي يتم فيها الحفاظ على نفس إتجاه تأثير وسائل وأساليب التدريب  تشكل لنا فترات التدريب (Training periods )و الطى تكون في الدائرة التدريبية الموسمية و الطى تمثل معظم هيكلة و بناء العمليات التدريبة لجل التخصصات الرياضة سواء الفردية أو الفرقية ، و من المعتاد التمييز بين الفترات التدريبية التحضيرية والتنافسية والإنتقالية (الدوائر التدريبية الكبيرة – Macrocycles) للعملية التدريبية (The training process ) .

إن الصورة العامة لديناميكية (العمليات المتسلسلة) تطوير مختلف العمليات  التكيفية في مراحل و فترات فردية من الدائرة التدريبية السنوية الموسمية حيث يكون هناك تغيير في وسائل والأساليب التدريبية المستخدمة لإتجاه تأثير التدريبي ، أي تغيير في إتجاه إعادة الترتيب للعمليات التكيفية أو إستبدال نظام فسيولوجي وظيفي واحد مستهدف و الذي يكون هو مسؤول عن عمليات التكيف التكيف مع النظم الوظيفية الفسيولوجية الأخرى ( أي يكون كقاعدة سابقة لتغيرات التكيفية اللاحقة ) .

حيث وجب التنبيه حول هذه التكيفيات الوظيفية و الفسيولوجية أنه لكل رياضي حد تكيف فردي (Individual adaptation) مع الآثار (effect) التدريبية ذات نوع خاص من النشاط البدني المتخصص فيه ، حيث أنه عند إستخدام النوع الخاص من الأحمال التدريبية في هذه المرحلة من التحضير  ينخفض ​​معدل إعادة الترتيب التكيفي (Arrangement of adaptive mechanisms ) في الجسم تدريجيًا ، و منه لم يعد الإستخدام الإضافي لهذا النوع من الأحمال التدريبية  يوفر زيادة في النتائج الرياضية .

لا يمكن زيادة تطوير مستويات اللياقة البدنية في هذه الحالة إلا من خلال تغيير طبيعة الحافز التدريبي (Training incentive) ، حيث تذهب الزيادة في مستويات اللياقة البدنية في إتجاه مختلف ، بسبب تطور الوظائف الفيسيولوجية و قدرات بدنية و قابليات حركية أخرى.

إن التطور في أزمنة العمليات التكيفية مع هذا النوع من الحمل التدريبي له شكل منحنى مع “فترة متأخرة” واضح (مرحلة خمول) ، و مرحلة “تسارع” ومرحلة تباطؤ حيث يتم تحديد مدة المرحلة المتأخرة  بالوقت المطلوب لإثبات هيمنة هذا النظام الوظيفي الفسيولوجي على الوظائف الفسيولوجية الرئيسية الأخرى التي يمكن أن تشارك في ضمان تطوير عمليات التكيف مع النوع المختار من الآثار التدريبية ، و تعكس مرحلة “التسارع” زيادة في معدل التغيرات التكيفية في الجسم حيث يضيق إتجاه الأثر لنوع الحمل التدريبي المختار اللاحق المسلط على الوظائف الفيسيولوجية المهيمنة أو الطى لها جودة عالية من الأداء، حيث ترجع مرحلة “التباطؤ” إلى إستنفاد القدرة التكيفية للنظام الوظيفي الفسيولوجي للجسم و التي بدورها تهيمن على “تطوير” عمليات التكيف مع هذا النوع من الحمل التدريبي ، ويوفر التغيير المتسلسل في العوامل المهيمنة ” التطبيق الميداني” في عملية التدريب الزيادة المستمرة في مستويات اللياقة البدنية مع إتباع نهج تدريجي بالنسبة للحدود الفردية للأداء البدني .

تجريب تسلسل الدوائر التدريبية الصغيرة Microcycle .

و مع إقتراب هذا الحد من الأحمال التدريبية لحدود القدرات البدنية لأجسام الرياضيين، يتباطأ معدل تطوير عمليات التكيف تدريجياً مع كل تغيير جديد لحافز التدريب (Training incentive).

إنطلاقاً من مختلف النظم و الآليات الموصوفة لتطوير عمليات التكيف وعند وضع إستراتيجية (strategy) التدريب بشكل عام ، ينبغي إيلاء إهتمام خاص لإيجاد وسائل (تمارين – exercises ) وأساليب تدريب جديدة غير تقليدية ، والتي يمكن أن توفر زيادة إضافية في القدرة على الأداء و إظهار إنجازات رياضية جديدة (أرقام قياسية عالمية – Records)، حيث تظهر هذه المشكلة بشكل جلي و خاص عند حل قضايا تدريب الرياضيين المؤهلين تأهيلا عاليا (رياضي النخبة – Elite athlete ) الذين خضعوا لسنوات عديدة من التدريب في الرياضة المختارة من طرفهم وحققوا درجة عالية من عمليات التكيف من جراء التأثيرات و الآثار (effects) الوسائل والأساليب التقليدية للتدريب.

يتم تحسين مؤشرات الأداء البدني بشكل كبير تحت تأثير عمليات التدريب ، و يتجلى هذا التأثير بشكل خاص عند مقارنة مؤشرات القدرة البدنية القوة العضلية و قدرة و كفاءة عمليات الأيض للطاقة الحيوية لدى الرياضيين من مختلف المؤهلات (أنظر الجدول المرفق).

يوضح هذا الجدول أنه مع زيادة مستوى مؤهلات الرياضيين ، تتحسن جميع خصائص الطاقة الحيوية لقدرة العمل الأدائي البدني لديهم ، في الوقت نفسه  تجدر الإشارة إلى أن “قابلية تدريب” مؤشرات الطاقة الحيوية الفردية لكل رياضي يتم التعبير عنها بدرجات متفاوتة  و بالتالي  بالنسبة للرياضيين المبتدئين و الهواة الذين يتدربون في الألعاب الرياضية التي تتطلب مظهرًا كبيرًا من مظاهر القدرة البدنية التحمل  (Endurance ) فإن مستوى  الحد الأقصى لاستهلاك الأكسجين (VO2max) تكون حوالي 40-45 ملي / كلغ /دقيقة ، بينما للرياضيين المتميزين تكون مستويات من 80-90 ملي / كلغ /دقيقة ، هذا يعني أنه تحت تأثير التدريب المنهجي طويل الأمد  تتحسن مؤشرات القدرات الهوائية مرتين، و في الوقت نفسه  يمكن أن يتحسن مؤشر السعة الهوائية بأكثر من 4 مرات .

و في عملية و مراحل التطور العمري المختلفة تكون هناك إختلافات معينة في ديناميكية مؤشرات الطاقة الحيوية في الجسم، وبالتالي  يزداد معدل الخصوبة عند الرجال بسرعة بحلول سن العشرين ، و يظل عند الحد الأقصى حتى سن 30 ، ثم يبدأ في الإنخفاض ، و عند النساء  يتميز هذا المؤشر بزيادة أسرع في سن مبكرة (يتم الوصول إلى الحد الأقصى بعمر 18 عامًا) ويكون لديه إنخفاض أكثر وضوحًا في سن أكبر ، حيث أن مؤشر تكامل قوة العمليات الهوائية -أي قيمة VO2 max – عند الرجال تصل إلى أعلى القيم بحلول سن 25 سنة ، و يتم الإحتفاظ بها عند هذا المستوى حتى سن 40 ثم تتناقص ، أما عند النساء  تُلاحظ أعلى قيم لهذا المؤشر في سن العشرين وتبدأ في الإنخفاض بعد سن 35سنة ، لوحظ أن أعلى تراكمات من الحيوانات المنوية في كل من الرجال و البويضات عند النساء في سن 22 سنة ، ثم تنخفض بعد 30 عامًا.

 

 

جميع الحقوق الملكية والفكرية لهذا المقال محفوظة لدى – الاتحاد الدولي للتسويق والاستثمار الرياضي

بيد الكاتب المؤلف الاستاذ : سفاري سفيان – دولة الجزائر – ولاية سطيف.

 

Google+ Linkedin

التعليقات مغلقة